الأحد، 11 يونيو 2017

78-حجب المواقع في مصر، إشارة إلى نكبة قادمة

حجب المواقع في مصر، إشارة إلى نكبة قادمة
د/منى زيتون

الأحد 18 يونيو 2017


بعد انتهاء أي موجة ثورية، تحاول الكائنات اللزجة التي كانت تنتفع من وراء الأوضاع الفاسدة أن تعيد الحال إلى ما كان عليه قبل الثورة، وربما يصبح أكثر فسادًا، وهو ما نلمسه بأعيننا في كل ما يختص بالاقتصاد المصري.
لكن الأسوأ يكون على المستوى الأمني؛ عندما تحاول العصابة الحاكمة أن تسد الثغرات التي تتصور أنها كانت السبب في قيام الثورة، هادفين إلى عدم توفير الظروف لتكرارها مهما حدث. عندها تتوحش الدولة، ونرى ما لم نره من قبل، لأن الإجراءات القمعية التي طالما اتُخذت من قبل كانت مستترة، ويمكن التبجح بأن هؤلاء قُتِلوا في مصادمات أو مداهمات، أو هذا قُبض عليه لأنه كان يدعو للإرهاب أو يحرض على قتل الضباط، لكن إغلاق المواقع الصحفية بدعوى نشرها محتوى إرهابي بينما يمكن لأي مراقب خارجي أن يطّلع على محتواها ليرى براءته من هذا الادّعاء الكاذب، هو شكل من أشكال الفُجر الذي بلغه النظام الحالي في مصر، ويذكرنا بعبد الناصر –والذي يبدو أن السيسي يتمثله كمثل أعلى- عندما منع عن الشعب كافة وسائل الإعلام الأجنبية كي لا يسمعوا إلا صوته، وذلك قبل نكبة –وليست نكسة- 1967، ومن الواضح أننا مقبلون على نكبة جديدة، ما لم تأتنا نجدة من الله.
خلال الشهر الحالي تم حجب عدد كبير من المواقع الإخبارية، المصرية والعالمية، والتي بلغ عددها حتى كتابة هذا المقال 43 موقعًا، من بينها ساسة بوست نفسه، والذي تقرأ عزيزي القاريء مقالي هذا منه.
والواضح أن النظام المصري أصبح مقتصرًا من أعلى هرمه إلى أدناه على بعض المُعوقين عقليًا، حتى أنهم صدّقوا أن المصريين لم يعد باستطاعتهم الوصول إلى تلك المواقع المحجوبة، ورأوا في سكوتهم ما دعاهم إلى المزيد من الحجب، بينما الواقع أن الشباب لا يكاد يشعر أساسًا بالحجب لأن هناك أكثر من مائة طريقة يمكنه الولوج منها إلى مواقعه الإخبارية المفضلة، وقراءة كل ما يريد!
بل يمكن للشباب الدخول ببساطة إلى تلك المواقع عبر الجوجل نفسه، وتحديدًا عبر تطبيق الترجمة، فما على الشاب إلا أن يفتح ترجمة جوجل، ويتخير الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، ويضع رابط الموقع الذي يريده في الصندوق المخصص لكتابة المحتوى المراد ترجمته، فيجد الرابط قد تم تنشيطه في الجهة اليسرى، وأصبح قابلًا للضغط عليه، أو يضغط على زر (ترجم) ليتم تنشيطه، وبعدها تنفتح له نافذة الموقع، ويضغط أعلى اليسار على زر (النص الأصلي) ليظهر له الكلام كما هو في الموقع بالضبط!
وما يعنينا حقًا ليس استهزاء الشباب وسخريتهم ممن يحجبون المواقع، أو يتصورون أنهم يحجبونها، بل يعنينا تصديق هؤلاء لأنفسهم، وسعيهم الحثيث في منع كل منبر وكل صوت لا يسبح بحمد رئيسهم!، والذي رغم أن لديه قطيع يتبعه إلى الهاوية إلا أنه لا يراه كافيًا، ويريد تحويل باقي الشعب إلى قطيع، إما منافق أو أخرس!
لقد قلتها سابقًا أننا أمام مكارثي جديد، ونموذج مكارثي لمن لا يعلم يُطلق على ذلك الشخص المستبد، قليل الحظ من الذكاء، دائم الكذب، مدّعي البطولات، الذي لانعدام ثقته في مؤهلاته، ولأنه قد قادته الصُدف إلى موقع لا يستأهله، فهو يريد أن يُصدِّق العالم كله على ما يقول وألّا يعارضه أحد، لأنه اعتاد في السابق أن يُنبذ وتُنبذ آراؤه الغبية غير السديدة. بالتالي يبدأ من له مثل هذه الشخصية عندما يصل إلى السلطة في إقامة محاكم تفتيش للجميع بدعوى زائفة، يصدق في حالها مقولة إمام الحق علي بن أبي طالب "قولة حق أُريد بها باطل". في الحالة المصرية تلك الدعوى التي يتم استغلالها هي الإرهاب، والقضاء على الإرهاب، والحرب على الإرهاب، وأخيرًا تلك المواقع تُروِّج للإرهاب.
اليوم تمر ذكرى غزوة بدر الكبرى، وكما بذل المؤمنون يومًا قصارى جهدهم في معارضة جبهة الشرك، فجاءهم نصر عزيز من الله، أتمنى منه سبحانه، بحقه وعظمته، أن يمنّ على المستضعفين بنصره على كل مستبد. وكم من فئةٍ قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.
#تيران_صنافير_مصرية

#تيران_وصنافير_مصرية