الجمعة، 29 سبتمبر 2017

114-مراحل تشويه شفيق.. ماذا في جرابكم بعد؟!

مراحل تشويه شفيق.. ماذا في جرابكم بعد؟!
د/منى زيتون

مساء الجمعة أول ديسمبر 2017

لأن الفريق أحمد شفيق ليس كأي حصان في سباق الرئاسة المصرية، خاصة والمطلوب منه أن ينافس حمارة عرجاء، فمن الطبيعي أن نرى ردة الفعل العنيفة المزلزلة من نظام السيسي وأذنابه جرّاء خبر إعلان الفريق ترشحه للرئاسة، وأجزم أن السيسي كان يُمني نفسه حتى اللحظة الأخيرة أن شفيق لن يفعلها، فما يأمله السيسي -ويكاد يكون قد صرّح به- أن يواجه بضع أشخاص لا شعبية حقيقية لهم في انتخابات هزلية لإظهار مصر بمظهر ديمقراطي أمام العالم، مقنعًا نفسه أن العالم سيصدق تلك المسرحية، لكنه فوجيء أنه مجبر على مواجهة حقيقية.
 لأجل ذلك فمن الطبيعي أن يعمد نظام السيسي إلى تشويه أقوى منافسيه، بل لعله منافسه الحقيقي الوحيد، مستغلًا كل ما له من سطوة على الإعلاميين، وما يملكه من لجان الكترونية على الفيسبوك، وهو وسيلة المصريين الأساسية للتواصل الاجتماعي. وإن كان ذلك التشويه لم يبدأ للتو فهو مستمر منذ سنوات، إلا أن ما حدث منذ لحظة إعلان شفيق ترشحه يفوق الوصف.
وقد تعددت الأسباب التي ساقها هؤلاء للنيل من الفريق شفيق، ظنًا منهم أنها قد تؤثر في شعبيته، ويمكن أن تجعل كثير من البسطاء رغم معاناتهم في ظل نظام السيسي يعزفون عن شفيق وينتخبون السيسي.
وأحاول في هذا المقال عرض أهم تلك التشنيعات وتفنيدها منطقيًا.

شفيق الهارب!
أثناء فترة الدعاية الانتخابية التي سبقت انتخابات الرئاسة عام 2012م توفيت السيدة الفاضلة زوجة الفريق أحمد شفيق، ومن عاداتنا المعروفة في مصر إهداء عمرة للمتوفي يقوم بها أحد أحبابه، ونظرًا لظروف الانتخابات لم يستطع الفريق شفيق التعجيل بالقيام بتلك العمرة. ولأنه لا مانع قانوني أمام الرجل من السفر، ولأن المشير طنطاوي كان يعلم بنيته تلك في أداء العمرة، لم يدر في ذهن طنطاوي أن يمنعه من السفر مباشرة بعد ظهور نتيجة جولة الإعادة في الانتخابات، فسافر شفيق إلى السعودية لأداء العمرة كما كان ينوي، وبعد أن صلى بالحرمين واستخار الله في أمره استشعر أن عودته إلى مصر وقتها وخصومه في الحكم لن يكون في مصلحته، فقرر –كما يعلم الجميع- التوجه إلى الإمارات، والإقامة فيها.
وكان ما حدث طوال السنوات الماضية من الافتراءات التي تعرض لها الرجل بيان لصحة ما توقعه من لُد الخصومة، وسببًا في إطالة مكثه في الإمارات حتى يقضي الله الأمر وتظهر تباشير الفرج.
ورغم تبرئة القضاء له في كل ما حيكت ضده من اتهامات، وأنه كأي حر في العالم من حقه أن يعيش في أي مكان على ظهر البسيطة، إلا أن أذناب السيسي لا زالوا يطلقون تلك التهمة "شفيق هارب!"، رغم أنها تبدو لنا جميعًا تهمة مستهلكة. يلوكونها كقطعة علكة اهترأت وفقدت مرونتها، بينما صاحبها يحتفظ بها تحت أضراسه موحيًا بذلك أن لها قيمة.

شفيق ظل مبارك
هذا الاتهام كان لأفراد الحملة -غير الرسمية حتى الآن- للفريق شفيق دور كبير فيه. وقد ناقشته في مقال سابق قلت فيه أنه بدا ‏لي أن مديري حملة شفيق الانتخابية يديرون حملته بشكل غير رسمي حتى الآن تحت ‏عنوان ‏‏"مبارك مثلي الأعلى"‏! بسبب نوعية منشوراتهم طوال شهر أكتوبر الماضي بمناسبة الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر، وأن هذا يُحدث ربطًا بين الرجلين في أذهان الجماهير.
ولا شك أن أنصار النظام لا يفوتون أي فرصة يمكن اهتبالها، وقد نشطوا بالفعل لإعادة التذكير بموقف شفيق من ‏ثورة 25 يناير، ‏بغرض تأليب من أظهروا ميل لانتخابه من ذوي النزعة الثورية من المصريين، لكن فاتهم أن الدنيا تتغير وتتغير بتبعتها المواقف.

شفيق مصاب بالزهايمر!
هل يُعقل أن يتهم عاقل شخص ما بإصابته بعلة، عوارضها لا تكون إلا ظاهرة؟!
هذا ما حدث بالفعل على شاشات الإعلام المصري، عندما اتهموا الفريق شفيق بأنه قد أُصيب بالزهايمر، ولم يخرسهم إلا مداخلة للرجل مع وائل الإبراشي على الهواء مباشرة، بدا فيها في أتم صحة عقلية.

شفيق إخوان!
وقد وصل الخلل العقلي منتهاه بإطلاق بعض المتلونين أكذوبة أن الفريق شفيق قد تحالف مع الإخوان، والمراقب لوسائل التواصل الاجتماعي يلمس حقيقة أن إبليس ذاته لو ترشح أمام السيسي في الانتخابات القادمة فسيلقى دعمًا من كثير من الإخوان، لكن هل يعني هذا أن تحالفًا قد حدث بالفعل بين شفيق وبين الإخوان؟! تلك هي الكذبة التي ما فتيء مطبلو السيسي عن ترديدها في الفترة الأخيرة.
وبعض أعضاء حزبه في المقابل ينجرون بسذاجة للرد على تلك السفاهات، ويؤدون بالتالي الدور المتوقع منهم حرفيًا وفقًا للسيناريو المفترض الذي يُطلق النظام تلك الكذبة لأجله، فأقصى ما يطمح إليه نظام السيسي الآن أن يقع شفيق في الإخوان وتتجدد العداوة التي بردّت السنين أوج نيرانها منذ انتخابات 2012، وبعد أن قرر بعض من بقي خارج السجون من الإخوان انتخاب شفيق لأنه لا أمل سواه في التخلص من السيسي، اللهم إلا أن يأتي الخلاص من رب السماء.

شفيق ناكر للجميل مع الإمارات!
كان مما تغنى به مطبلو نظام السيسي أيضًا أن الفريق شفيق بإعلانه منع دولة الإمارات إياه من السفر يعتبر ناكرًا للجميل؛ لأنه بذلك قد تسبب في حرج بالغ للنظام الإماراتي، وهذا الوصف لم يتحرج وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي في وصف الفريق به ردًا على ذلك الاتهام، وبالتالي فشخص مثل الفريق شفيق لا يستحق أصوات المصريين!
وهنا أمامنا نقطتان، أولاهما هي عجز هؤلاء عن التمييز بين الامتنان للأخ لجميل فعله، وبين السماح له بإهانة الكرامة وهو ما لا يسمح به حُر، وقد رأينا موقفًا مماثلًا من هؤلاء في تعليقاتهم على قضية التنازل المخزي ‏عن جزيرتيّ تيران وصنافير؛ حيث لفتني افتقاد المدافعين عن سعودية الجزيرتين من المصريين ‏القدرة على التمييز، فجعلوا التفريط في الأرض للأخ أمرًا مقبولًا، وعابوا على من استنكروه. كما ‏استنكر بعضهم على بعض الشباب العامل في السعودية رفضهم التنازل عن الجزيرتين، ‏وكأنه من الواجب على الشاب المغترب أن يتنازل عن أرضه التي هي عرضه لمن شاء الله أن ‏يجعل رزقه في بلادهم!!
قلت وقتها: إن هذا مثال صارخ للفشل الذريع في التمييز بين المواقف ‏وإطلاق تعميمات على موقفين مختلفين لا تليق سوى بأطفال صغار، بينما يُفترض أن يؤدي ‏اختلاف الموقفين بالعقلاء إلى استجابات مختلفة. ولضعف القدرة على التمييز دلالة قوية على انحدار المستوى العقلي لمن أطلق هذه التعميمات المتساهلة إن كان ‏حقًا مقتنعًا بها.‏

أما النقطة الثانية والأهم عند طرح ذلك الاتهام فهي تشكيكاتهم في موضوع منع الفريق شفيق من مغادرة الإمارات العربية المتحدة، وتكذيب ادّعاء الرجل.
وبالعودة لمراجعة بعض الحوادث في السنوات الخمس الماضية سنجد أن هناك دلائل تشير إلى عدم رغبة السيسي في عودة شفيق إلى مصر، أهمها:
-سيل القضايا التافهة ضد الفريق شفيق، التي تم إغراق المحاكم المصرية بها، وترقى إلى درجة إزعاج السلطات وإضاعة وقت القضاة، والتي أبرأ القضاء الفريق شفيق فيها.
-تعنت نظام السيسي في تجديد جواز سفر الفريق شفيق الدبلوماسي دون أسباب، وتم إلزامه بتجديد جواز السفر عن طريق حكم قضائي.
-تكاسل نظام السيسي عن رفع اسم الفريق شفيق من قوائم ترقب الوصول بالمطارات والمواني المصرية، وتم إلزامه أيضًا برفع الاسم عن طريق حكم قضائي.
فإن كان السيسي قد استنفذ سبله غير المباشرة لمنع الرجل من العودة إلى مصر قبل إعلانه ترشحه للرئاسة، فالمنطق يقول أن اتهام الفريق شفيق لدولة الإمارات بمنعه من السفر إلى فرنسا لإعلان الترشح من هناك اتهام يقبله العقل، فمحمد بن زايد هو حليف السيسي، وأساليب البلطجة السياسية صارت معتادة في دول مثلث الشر العربي. رحم الله الشيخ زايد ورحم أيامه، فقد كان رجلًا صالحًا.
وأجزم أن الفريق شفيق لو لم يكن قد مُنِع من السفر من الإمارات لكانت قد استُبدلت تهمة إنكار الجميل بتهمة أخرى، وهي أن شفيق هو مرشح الإمارات في مصر، ولكانت الإمارات متواطئة على نظام الحكم في مصر، فهناك نوعية من البشر يقتصر إبداعهم العقلي على مثل هذه النوعيات من استنباط الوضاعات والافتراءات.

شفيق يبحث عن الدعم الغربي وليس الشعبي!
أواخر أكتوبر الماضي زار السيسي باريس لمدة أربعة أيام، وكان هدف السيسي المعلن من الزيارة تعزيز العلاقات بين البلدين؛ مصر وفرنسا، بينما كانت الرئاسة الفرنسية قد أعلنت قبل الزيارة عن أنها ستكون فرصة لإبداء المواقف الفرنسية من ملفي الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر!
فإذا ما علمنا أن الفريق شفيق في أكتوبر الماضي كان قد صرّح للمقربين منه عزمه النهائي على الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية 2018، على أن يعلن ذلك في باريس في لقاء تم الترتيب له فعليًا مع وكالة رويترز يوم الأحد 26 نوفمبر، يمكن عندها أن نرى الصورة كاملة، ونفهم حقيقة ما كان يحاول السيسي فعله في باريس؛ فمن الواضح أن للرئيس الفرنسي الجديد ماكرون تحفظات على أفعال البلطجة السياسية التي تمارسها الأنظمة في مصر والسعودية والإمارات، وتدخلاتها السافرة في الحريات.
وإن أردنا الحقيقة، فلولا بعض التدخلات الغربية الأخيرة على تلك الأنظمة لتم تمرير الكثير، وهل كان يمكن الإفراج عن سعد الحريري دون تدخل ماكرون؟ وهل كان يمكن للانتخابات الرئاسية المصرية أن تتم العام القادم، لولا التقارير التي وردت من واشنطن حول ملف حقوق الإنسان المتردي في عهد السيسي؟ فلم يتلق السيسي الضوء الأخضر الذي كان ينتظره لأجل تعديل الدستور ومد فترة الرئاسة الذي كان مزمعًا، والذي كانت ‏ألاعيبه قد ظهرت بعد أن فرغ مجلس الأمة الموقر من تمرير اتفاقية العار التي تنازل فيها عن ‏جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.‏
ولولا التدخلات ما غادر شفيق الإمارات إلى مصر مكرمًا، وقد ترددت أنباء عن اتصال مسئول إماراتي كبير بالفريق شفيق بعد إذاعة قناة الجزيرة خطابه الذي أوضح فيه أنه ممنوع من السفر، وأن ذلك المسئول قد أبلغه أنه في حال إصراره ‏على مغادرة الإمارات فإنه لن يتم السماح له إلا بطريق واحد، وهو العودة إلى مصر. فتُرى، لماذا غيّر السيسي رأيه في أمر عودة شفيق؟ وهل سيُسمح له بإعلان ترشحه للرئاسة أم سيتم إلقاء القبض عليه لأسباب ملفقة لا يعدم نظام السيسي اصطناعها؟
وكعادتهم، استخلص أنصار النظام من طلب الفريق شفيق السفر إلى فرنسا وربما الولايات المتحدة الأمريكية بعدها قبل عودته إلى مصر ما يمكن أن يرقى إلى مرتبة الاتهامات، فاتهموه بأنه لا يعبأ بالشعب المصري واستقلالية القرار المصري، ويطلب رضا الغرب عن ترشحه! والحقيقة أنه مع تردي الأوضاع الأمنية في مصر فإنه من المنطقي أن يطمئن شفيق قبل العودة إلى مصر على أنه سيتم تأمينه من قِبل النظام المصري، خاصة وقد قرأت بعيني ما كتب بعض من أظهروا التأييد للسيسي من منشورات تنذر أن الاغتيال سيكون مصير الفريق ‏شفيق فور عودته إلى مصر، والبعض لم يتحرج التلويح بالاتهامات القانونية لمنعه من الترشح. لم يبد لي ما كُتب إلا أنه لتخويف الفريق من العودة التي لا ‏شك تلزمه طالما قرر خوض الانتخابات.‏

شفيق خائن متعاون مع قناة الجزيرة، وهم أعداء الوطن!
خرج علينا الفريق شفيق يوم الأربعاء 29 نوفمبر 2017 ببيانين؛ أحدهما عبر وكالة رويترز، أعلن فيه نيته الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية 2018، ثم بعدها بسويعات أذاعت قناة الجزيرة القطرية بيانًا كان الفريق شفيق قد سجّله بكاميرا التليفون المحمول الخاص بإحدى بناته، وهو ذاك البيان الذي قال فيه أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمنعه من السفر بعرض أسباب لا يفهمها.
وكان غريبًا ألا يُبث البيان الثاني مثل الأول عبر وكالة رويترز، ومن المؤكد أنه كان في سبيله للوصول إليهم عندما نشرته الجزيرة، وأن رويترز لم تكن لتزهد في نشره إن وصلها.
وفقًا لما ذكرته محامية الفريق أ/دينا عدلي فإن سيادة الفريق لا يعلم حتى اللحظة كيف تسرب ذلك الفيديو من جهاز ابنته إلى قناة الجزيرة، ومن وراء ذلك، وأنه طالبها باتخاذ إجراءات قانونية ضد القناة لإلزامها بالإفصاح عن مصدر وصول ذلك الفيديو إليها. وأرى ببساطة أن هذا إنما يعني أن تهكيرًا قد حدث لجهاز ابنته من جهة ما.
كان واضحًا أن نشر التقرير على الجزيرة تحديدًا يستهدف السُذج الذين تسهل إثارتهم بتفاصيل تافهة وشغلهم عن لُب الأمور. في لبنان شاهدنا كيف التف اللبنانيون جميعًا حول سعد الحريري، معارضوه قبل مؤيدوه، حين ظهرت مؤشرات أنه محتجز في السعودية، لعِلم السياسيين اللبنانيين أن ما حدث إهانة لدولتهم. ومقارنة بالمشهد اللبناني الذي لم تمر عليه سوى أيام ولم يكد يُنسى، نستطيع القول أن الساحة السياسية المصرية بها سفهاء وصلت درجة السفه لديهم إلى الانصراف عن مضمون الخطاب الكارثي الذي يعلن فيه مواطن مصري شغل منصب رئيس وزراء مصر وهو مرشح رئاسي سابق وحالي، عن احتجازه في دولة أخرى، ومنعه من السفر، دون وجه حق.
لكن النكتة الحقيقية كانت فيما ادّعاه بعض فائقي الذكاء من أن الفريق شفيق قد باع حقوق نشر الفيديو الذي اتهم فيه الإمارات بمنعه من السفر إلى قناة الجزيرة! ولا شك أن تفكير كهذا لا يصدر إلا عن بطون –لا عقول- جاعت ثم شبعت.

شفيق أرستقراطي، لا يهتم بالفقراء!
نعلم جيدًا أن الفقراء نور (عنين) السيسي وشغله الشاغل! لذا فقد كان آخر اتهام قرأته على صفحات أنصار السيسي للفريق شفيق أن من يريد أن يبدأ حملته الانتخابية من باريس ثم نيويورك لا شك لا يرى الفقراء ولا يشعر بهم.

ختامًا، ولكل هؤلاء المطبلاتية أقول إن انتخابات مصر لن تتم على الفيسبوك، وكل شخص في هذا البلد قد قرر ما سيفعله، خاصة هؤلاء الفقراء الذين تدّعون أن شفيق لا يراهم بينما يشملهم السيسي بفرط رعايته.
ونعلم عين اليقين أنه من المتوقع إثارة اتهامات وقضايا جديدة في حق الفريق شفيق، وأن جرابكم لن يخلو من المكائد، اللهم إلا إن كان السيسي يتخوف من مزيد تشوه في صورته أمام الخارج. ذلك التخوف الذي لمسنا ثماره في التراجع عن تعديل الدستور ومد فترة الرئاسة، وإن كان للحياء أهله، ولا نحسبه منهم.
لقد شهد الأسبوع الأخير من نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم كمًا من التصعيدات الأخيرة الخطيرة التي داهمت عقولنا كالقطار، وأهمها الحادث الإرهابي المروع الذي قُتل فيه أكثر من ثلاثمائة مسلم مسالم في مسجد الروضة في سيناء، ودعوات بعض السفهاء من مؤيدي النظام إلى استكمال تهجير أهل سيناء لأجل دك الإرهاب كما يقولون، والتصريحات الإسرائيلية حول إقامة دولة للفلسطينيين في سيناء، والمعروفة عالميًا باسم صفقة القرن، ثم تلك التسريبات الحمقاء التي يزعمون فيها أن مبارك وافق على إقامة تلك الدولة، وأخيرًا خروج الرئيس السابق مبارك علينا بتصريح لأول مرة منذ تنحيه يعلن فيه زيف تلك المزاعم.
وما يظهر لي جليًا أن فتح ملف صفقة القرن في ذلك التوقيت إنما هو محاولة واضحة لاسترضاء نظام دونالد ترامب، كما أن الموافقة لروسيا على استغلال قواعدنا العسكرية هي محاولة لكسب التأييد الروسي؛ بمعنى أن تنازلاتًا تقع بغرض كسب السيسي للتأييد الدولي، وأزعم أن بالجيش المصري رجالًا حقيقيين لا يمكن أن يرضى أي منهم عما يفعله السيسي بتراب مصر، وأن وجود مرشح عسكري كأحمد شفيق أمام السيسي في انتخابات الرئاسة يمكن أن يمثل انقلابًا ناعمًا يسمح بالتخلص السلس من نظام السيسي قبل أن يُفرِّط في المزيد من الأرض.

الفريق شفيق محارب حقيقي، والمحارب كالقوس ليس في قوته فقط، بل وفي مرونته، فإذا ما شاهدت قوسًا ينسحب إلى الخلف فانتبه إلى السهم الذي سيندفع قريبًا إلى وجهك.