الجمعة، 29 سبتمبر 2017

120-هل سألت نفسك: لماذا تكره شفيق؟!

هل سألت نفسك: لماذا تكره شفيق؟!
د/منى زيتون
أمين التعليم العالي والبحث العلمي-حزب الحركة الوطنية المصرية بالإسماعيلية


المتتبع لحوادث ما بعد ثورة 25 يناير 2011 في مصر سيلاحظ بروز عدة تيارات سياسية، اختلفت توجهات كل منها حسب المرحلة، بل وحسب الموقف.
بعد الثورة، كانت أبرز هذه التيارات تيار متمسك تمامًا بمصر مبارك وبالحكم العسكري، وتيار آخر سياسي يقابلهم يمثل الثائرين على نظام مبارك والحكم العسكري بأكمله، ويضم هؤلاء أطيافًا متعددة، فكل التنظيمات المعارضة لحكم مبارك تنطوي تحت هذا التيار الثوري، وكذا كل من له ميول ثورية سواء شارك في الثورة على مبارك أو لم يشارك. إضافة إلى هذين التيارين كان تيار الإخوان، وتيار السلفيين.
كان من الملاحظ دائمًا أنهم لم يكونوا على أرض الواقع أربعة تيارات، بسبب حدوث اتحاد في المواقف بين تيارين أو أكثر في موقفهم تجاه مسألة ما. هذه الاتحادات التي ما تلبث أن تنفك بعد ذلك لتحدث اتحادات أخرى إزاء مواقف جديدة. وهذا التلاقي ثم الافتراق والتلاقي مع تيار كان مخالفًا في موقف سابق ربما كان أكثر ما أعطى الحياة السياسية المصرية زخمًا في السنوات السبع الأخيرة.
الآن، وبعد أن كادت فترة حكم السيسي أن تنتهي، والتي نطمع أن تكون الأولى والأخيرة، صار التصنيف الأفضل للتيارات السياسية في المجتمع المصري؛ تيار مع السيسي، وتيار ضده تمامًا، وهؤلاء انقسموا إلى رافضين للسيسي فقط وهم ضد ثورة يناير، ورافضين للحكم العسكري ككل وهم ثوريون، وقطعًا لا زال تيار الإخوان وتيار السلفيين كتيارين إسلاميين ثابتين في المشهد المصري.
وبما أن الموقف الأهم هذه الفترة هو تقرير الموقف من الانتخابات الرئاسية المصرية، وبالأخذ في الاعتبار أن المرشحين الثلاثة المحتملين حتى الآن هم المشير عبد الفتاح السيسي والفريق أحمد شفيق والمحامي الحقوقي خالد علي، فإنه من المتوقع والحال كذلك أن يحظى السيسي بأصوات أتباعه إضافة إلى نسبة كبيرة من السلفيين غالبًا، أما خالد علي فلن يجد تأييدًا سوى من الثوريين المُصرِّين على رفض الحكم العسكري.
أما الفريق أحمد شفيق فلعله أكثر من يمكن أن يحصد أصواتًا من أطياف مختلفة؛ حيث من المرجح أن يحصل على أصوات الرافضين للسيسي المتقبلين للحكم العسكري، كما من الواضح أنه يمكن أن يحظى بأصوات كثير من الإخوان، وكذلك الثوريين الأكثر نضجًا المتفهمين للواقع المصري، الراغبين في التخلص من حكم السيسي، حيث يمكن القول أنه وطوال السنوات التي تلت الثورة، ونتيجة للخيبات المتلاحقة، حدثت أحيانًا تبدلات في المواقف نجم عنها انتقال البعض من تيار إلى آخر، وكان التيار الثوري لتنوع أطيافه أكثر التيارات التي لُوحظ على أعضائه الانتقال منه إلى صف التيار المعاكس، وربما زادوا فتشككوا في الثورة!
يبقى الحديث عن تقرير موقف أقباط مصر الذين رغم دعمهم التام لأحمد شفيق في انتخابات الرئاسة عام 2012، فإن البعض منهم صار يتخوف من انتخابه الآن بعد أن تسممت نظرتهم للرجل بسبب إعلام نظام السيسي الموجه ضده، والذي أشاع عنه أنه قد اتفق مع الإخوان ليصل إلى كرسي الرئاسة، فكأنه خانهم! بعد أن كان يُقال عنه في انتخابات الرئاسة 2012 أنه مرشح الأقباط! وربما ينتظر هؤلاء –على قلتهم- عددًا معينًا من التفجيرات الإرهابية تستهدفهم كي يستوعبوا حجم الأذى الذي لحقهم في عهد السيسي الذي يتمسكون به.
وبتحليل أهم محطات المشهد السياسي المصري سنجد أن أكثر شخص قد تلقى طعنات في شخصه غير مبررة في محطات مختلفة من محطات ما بعد ثورة يناير 2011م كان الفريق أحمد شفيق. وكما يجاهر نظام السيسي اليوم بعداوته وتخوينه لأنه جرؤ على مواجهته والترشح أمامه بما له من ثقل، فقد عاداه الإخوان من قبل عندما نافس مرشحهم، لأنه كان أكبر خطر على نجاحهم، ورأوه عدوًا لمشروعهم الإسلامي! وقبلهم عاداه الثوريون وحمّلوه في أذهانهم تبعات عهد مبارك بأكملها!
حتى إنه بعد إعلان الفريق شفيق ترشحه أمام السيسي في الانتخابات الرئاسية القادمة، خفف كثير من الإخوان والثوريين من نقدهم وإظهار كراهيتهم للرجل لأملهم فيه. لكن بمجرد أن تشككوا في إمكانية ترشحه –رغم أنه لم يتراجع، والأمر لا يعدو مناورة سياسية- عادت أحقادهم غير المبررة على الرجل للظهور.
بل إن أغلب من استمعوا منهم إلى حوار الفريق شفيق مع الإعلامي وائل الإبراشي بعد عودته من الإمارات، لم يستمعوا بغرض تحليل كلامه، الذي سبق أن تناولناه في مقال خاص استعرضنا فيه الرسائل الخفية التي وجهها شفيق لأنصاره من خلاله، بل استمعوا إلى الحوار للتنفيس عن أحقادهم ضد الرجل، والمسارعة إلى توصيف ما صدر عنه على أنه تراجع، ثم تفاوتت بعد ذلك درجات ردات فعلهم.
وكل هؤلاء لم يكرهوا الرجل لأسباب منطقية، بل هو التفكير العاطفي الذي يحرك دائمًا الشعب المصري، بل والشعب العربي أجمع، ويجعله يأخذ مواقف أبعد ما تكون عن المنطق، ولهذا تتوالى علينا الخيبات ولا نتعلم أبدًا من أخطائنا، ولا يجعل هناك أمل في تقدمنا.
فهل سألت نفسك لماذا هذه الكراهية لشفيق؟! وما هي مبرراتها بعيدًا عن التسافه وإلقاء اتهامات جوفاء عن سرقات وفساد مدّعى ليس عليه أدنى دليل، أو إعادة دولة مبارك، أو ....، أو ....؟!
كلما كثر التسافه حول هذا الرجل دون مبرر كلما أدركت أنه خير؛ فنحن كشعب قد أثبتنا مرارًا أننا أبعد ما نكون عن إدراك ما تكون فيه مصالحنا وأين يكون الخير لنا، ولعلنا نفيق هذه المرة.