الجمعة، 29 سبتمبر 2017

121-مصر للجميع

مصر للجميع
د/منى زيتون
أمين التعليم العالي والبحث العلمي-حزب الحركة الوطنية المصرية بالإسماعيلية
الاثنين 18 ديسمبر 2017

ربما تكون من أكثر ما يُضرب من أمثلة على حنكة القائد وحكمته وعمله على رأب الصدع هو موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة؛ فرغم كونه فاتحًا لم يتحدث كالفاتحين متوعدًا بالعقاب، وحدد فقط أسماء من لا يستحقون العفو فلم ينالوه، أما من عداهم فتصرف بما يليق بمقامه معهم.
لكن المثل الأقوى الذي لا يُضرب كثيرًا رغم كونه أقوى هو موقف سيدنا هارون عليه السلام بعد أن كفر بعض قومه وعبدوا العجل أثناء غياب سيدنا موسى عليه السلام لمواعدة الله تعالى وتلقي الشريعة. يقول تعالى على لسان سيدنا هارون ردًا على عتاب سيدنا موسى له لعدم السير بمن أطاعه في أثره بعد أن رأى من ضلوا: ﴿إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي[طه: 94].
ولننظر ونمعن في هذا الرد كثيرًا. قوم ما لبثت طائفة منهم أن كفرت بالله بعد أن أنجاهم من عدوهم، ومع ذلك فنبي الله هارون خاف أن يُفرق جماعتهم، وكان أخشى ما يخشاه -وهو المستخلف عليهم- أن يجد موسى قومه مقسمين طائفتين؛ طائفة كافرة تركها هارون وراءه وطائفة مؤمنة أحضرها معه. قال المفسرون: ﴿وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِيأي وما راعيت ما أمرتك به حيث استخلفتك فيهم؛ والآية توضح أن أكبر هموم القائد ينبغي أن تكون لم الشمل ونبذ أي سبب للتشرذم مهما عظم.
نجتمع اليوم حول أحمد شفيق لنعلنها للعالم ولكل المصريين الشرفاء، مصر للجميع. قد جرّبنا وسأمنا كمصريين الشعور بأن رئيسنا هو رئيس لجماعة فقط من مؤيديه. ولأننا نريد رئيسًا لمصر وليس رئيسًا لجماعة دينية أو لحزب سياسي أو لجماعة من المُهللين، فنحن نريد أحمد شفيق رئيسًا لمصر.
مصر للجميع؛ مصر تحت قيادة شفيق ستكون للجميع. هو رئيس لكل المصريين؛ شبابهم وكهولهم وشيوخهم، أغنيائهم وفقرائهم، مسلميهم ومسيحيهم، من يتفق معه ومن يخالفه. والفاسد المفسد فقط من يخرج من تلك الدائرة المتسعة عنده ويستحق الضرب على يديه. رئيس يميز بين رفضه التعامل مع كيانات وجماعات وبين مواطنين شرفاء لهم حق المواطنة ما لم يضروا بالوطن مهما كانت انتماءاتهم وعقائدهم.
رئيس ذو شخصية مستقلة، ليس استنساخًا لأحد كما يحاول البعض أن يصوره. رئيس يدرك إمكانيات مصر. رئيس يهتم بتطوير الإنسان قبل البنيان. يرى فينا موارد بشرية وطاقات منتجة. لا يرانا عبئًا يستدين لأجل إطعامنا. رئيس يرى مصر دولة غنية بالموارد المادية، قادرة على الخروج من أزمتها بالإنتاج وليس بالاستدانة لنُحمِّل أجيالًا غيرنا عبء فشلنا. رئيس يدرك قيمة الكفاءة ويُقرِّب الأكفاء، ويعي جيدًا أهمية الاستعانة بذوي الخبرة لا المنافقين الآكلين على كل الموائد. والأهم أن له من الخبرات والإنجازات طوال حياته ما يجعلنا نطمئن إلى أنه قادر على أن يحول أحلامه لمصر إلى حقيقة.
تعلمنا أن العدل أساس المُلك، وآن لنا أن نُجرِّبه ونراه بأعيننا. ومصر للجميع بمعنى أن خيرات مصر لجميع المصريين، والعدالة الاجتماعية هدف أساسي للدولة الديمقراطية المدنية التي يسعى الفريق شفيق إلى بنائها. غير مسموح بالفساد في أي من صوره، ولا بد من القضاء على الفساد قبل تشييد المشروعات؛ فذلك هو البناء الذي يكون على قاعدة قوية متماسكة يُرجى خيرها، وأي بناء سواه -يفترضه غيره- هو خيالات لا أساس لها ولا قيمة.
العدل ثم العدل ثم العدل هو الهدف الذي يضعه الفريق شفيق نُصب عينيه ويسعى إلى تحقيقه في المجتمع المصري. العدل عند شفيق –كما أعلن- هو عهد الحكم. عدل مطلق لا شيء يسبقه أو يعلو عليه.
من المأثور أن الممالك تُحرس بالسيف وتُدبّر بالقلم. والسيف تعبير عن سلطان القوة، ‏والقلم تعبير عن سلطان العلم والفكر. والحاكم العاقل يعرف كيف يفيد من كليهما ليدعم ملكه، لأنه ‏دون تدبير القلم يطيش السيف، ولا مفر من زوال المُلك. ومصر للجميع؛ بمعنى أن حرية الاعتقاد والفكر والتعبير مكفولة للجميع غير قابلة للمساس، فلا حجر على الأقلام ولا حجب للمواقع الإخبارية، مع التأكيد على احترام الآخر واحترام الخلاف، وأن الخلاف وحده ليس سببًا لاعتبار المخالف عدوًا للوطن. أحمد شفيق لا يُخوِّن أحدًا لمجرد الخلاف، وكل من لم يخطيء في حق هذا الوطن له مكان فيه.
لقد اختار الفريق شفيق للحزب الذي أسسه اسم "الحركة الوطنية المصرية"، ووضع شعارها ليكون "بيت كل المصريين". أرادها الفريق شفيق أن تكون لكل وطني شريف محب لمصر مهما كانت مساحة الاتفاق والاختلاف بيننا. في نفس الوقت يدرك سيادة الفريق أن في غير مؤيديه ممن يختلف معه في الرؤية وطنيين مخلصين. ولديه تقبل تام للنقد والمراجعة لأن مصالح مصر عنده هي أولوية الأولويات.
إن أحمد شفيق يسعى إلى خلق عهد جديد تكون فيه مصر الدولة العصرية الديمقراطية المدنية لا الدولة البوليسية. ونكرر، لا حساب على العقائد والأفكار لأي مواطن مصري طالما لم يصدر منه قول أو فعل يستحق المحاسبة والعقاب. والتعميم غير مقبول في حق أي جماعة أو حزب، وحتى الجماعات التي ارتكب أفراد منتسبين إليها أعمالًا ضد سلام وأمن الوطن أو تلك الجماعات التي كان بعض منتسبيها بجشعهم سببًا في معاناة قطاعات عريضة من المصريين حتى ثارت، فجرائر تلك الأعمال تُنسب لمرتكبيها، والحساب فقط لمن اقترفها وثبتت في حقه، ولن يؤذى مواطن شريف بسبب الشك أو الافتراء.
يعي الفريق شفيق جيدًا أن هناك من يسعى إلى تأجيج الخلافات الفكرية بين أفراد المجتمع واستغلال ذلك لصالحهم، ودعاوى "فرّق تسد" ليست جديدة في عالم السياسة ومعروفة من قديم. ولهؤلاء نقول: إن سيادة الفريق ينتمي لأسرة صوفية، ولم يكن يومًا متفقًا فكريًا مع أي من الجماعات الدينية الطائفية بالمجتمع المصري، ولن يكون، لكن شعاره أننا لسنا متألهين كي نفتش عما في ضمائر البشر، ومن كفانا أذاه نكف عنه. وهو كرجل عرك الحياة السياسية وخبرها يدرك أن أي قوالب جامدة تغلق نوافذ الحوار المجتمعي وتؤجج الخلافات، هي منبع رئيسي للتطرف والإرهاب، والنتائج ماثلة أمام أعيننا نراها رأي العين.
أحمد شفيق هو رئيس لكل المصريين بجميع أطيافهم الاجتماعية، وشرائحهم العمرية، وأديانهم. هو الرئيس الحريص على وحدة الشمل ومحاربة الفساد لأجل إعادة البناء وتخطي الأزمات. هو الرئيس العادل الذي ستكون العدالة روح نظامه. هو الرئيس الذي تنتظره مصر وليس الذي تنتظره جماعة أو حزب. أحمد شفيق ما عاد لينتقم لشخصه لكن كي يبني مصر ويُقيمها من كبوتها.
لأجل القضاء على الفساد والإرهاب نريد أحمد شفيق. لأجل أمن جوامعنا وكنائسنا وشوارعنا وبيوتنا، أمن شعبنا وحدودنا، نريد أحمد شفيق. لأجل الحفاظ على موارد مصر والاستفادة منها وعدم إهدارها نريد أحمد شفيق. لأجل بناء الإنسان المصري وجودة التعليم والصحة نريد أحمد شفيق. لأجل تدفق الاستثمارات وإنشاء المصانع وعودة السياحة نريد أحمد شفيق.

مصر بحاجة إلى كل يد تبني فيها، فابحثوا عما يجمعكم، وكفاكم فرقة وتحزبًا لأجل تجاوز ما يحيطنا من عقبات وتحديات؛ فمصر كانت وستبقى بالجميع وللجميع.