الاثنين، 29 يناير 2018

146-صاحب مصر ولغة القمر

صاحب مصر ولغة القمر
د/منى زيتون
الثلاثاء 10 أبريل 2018

منذ فترة طويلة تقابلني على الفيسبوك منشورات تتحدث عن صاحب مصر، ولم أكن أعبأ بها وأعتني بقراءتها؛ لعلمي أن كثيرًا من نبوءات آخر الزمان تعرضت للتحريف والأسطرة سواء في كتب السُنة أو الشيعة.
فقط –وبعيدًا عن الأساطير ولأنه لا دخان دون نار- كان اعتقادي يقتصر على أن هناك حاكمًا عادلًا من الدوحة النبوية، ومن نسل سيدنا الحسن بن عليّ على الخصوص، سيحكم مصر في آخر الزمان، بعد أن يفيض بها الظلم –وأظنه قد فاض-، وأنه شخص بعد أن كان ملء السمع والبصر سيختفي عن الأنظار مدة، وربما يُحبس، ثم يئيب بعد الغياب، ويظهره الله على عدوه الظلوم، وأن على يديه سيكون فتح القدس، ليتهيأ الأمر لحكم حاكم عادل آخر في فلسطين.
لكن منذ أيام قلائل ظهرت أمامي دلائل تشير إلى أن نبوءة صاحب مصر ربما تكون مستقاة أساسًا من حسابات أبجد، أو ما يُعرف بعلم الحروف أو التكسير الكبير، ولأنني أعرف أساسيات علم الحروف، وكان بعض كبار الأئمة يستدلون به، وأشهرهم أحد كبار التابعين، وهو الإمام محمد بن سيرين، ويساعده في تأويله للأحلام، فقد قررت البحث في الأمر.

علم الحروف (التكسير الكبير) (حساب أبجد)
يقول تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس: 39]. في زماننا هذا قلّ من يعرف أن للقمر ثمانٍ وعشرين منزلة يتنقل بينها طوال الشهر العربي، ليقضي في كل منزلة منها حوالي اليوم، وعلى التدقيق 23 ساعة وثلث الساعة تقريبًا. وبذا يتم القمر دورة كاملة حول الأرض يكون قد دار فيها في المنازل الثمانية والعشرين في 27 يومًا وسبع ساعات و43 دقيقة تقريبًا، ويعود للمنزلة التي بدأ منها هلالًا أول الشهر لينهي فيها دورته كهلال آخر الشهر في يومين إضافيين، ويخبو نوره، ليقابل الشمس ويقترن بها مرة أخرى بعد 29 يومًا ونصف اليوم، ليُولد هلال جديد كعرجون النخل ويبدأ شهر قمري جديد.
والسبب في الاحتياج إلى اليومين الإضافيين لحدوث الاقتران مرة أخرى وميلاد هلال جديد أن الأرض أثناء دوران القمر حولها لا تكون ساكنة، بل تتحرك هي الأخرى حوالي 27 درجة في مدارها حول الشمس، لتبدو لنا الشمس قد تحركت في دائرة البروج 27 درجة، ويلزم القمر أن يبلغ ذلك الموضع الجديد كي يحدث الاقتران بينه وبين الشمس.
واللغة العربية هي لغة القمر؛ فأبجديتها ثمانية وعشرون حرفًا بعدد منازل القمر. كم أحب رقم ثمان وعشرين، وأحب أنه يوم مولدي.
وما يكاد يخفى أيضًا على أهل زماننا أن الأبجدية العربية أخذ العرب رسم كل حرف من حروفها من أشكال منازل القمر، والثمانية والعشرون حرفًا –لأن الألف والهمزة أبجديًا حرف واحد- يقابل كل منها منزلة محددة من منازل القمر. ولكل حرف منها حسابه العددي، كما أن تلك الحروف تتوزع على الطباع الأربعة (النار- التراب- الهواء- الماء) بحيث تتجمع في أربع مجموعات، كل مجموعة منها من سبعة حروف.
طاقة الحروف
نارية
ترابية
هوائية
مائية
المنزلة
الحرف
القيمة العددية
‏المنزلة
الحرف
القيمة العددية
‏المنزلة
الحرف
القيمة العددية
‏المنزلة
الحرف
القيمة العددية
الشرطان
أ
1
البطين
ب
2
الثريا
ج
3
الدبران
د
4
الهقعة
هـ
5
الهنعة
و
6
الذراع
ز
7
النثرة
ح
8
الطرفة
ط
9
الجبهة
ي
10
الخرثان
ك
20
الصرفة
ل
30
العواء
م
40
السماك
ن
50
الغفر
س
60
الزبانى
ع
70
الإكليل
ف
80
القلب
ص
90
الشولة
ق
100
النعايم
ر
200
البلدة
ش
300
سعد الذابح
ت
400
سعد بلع
ث
500
سعد السعود
خ
600
سعد الأخبية
ذ
700
الفرع المقدم
ض
800
الفرع المؤخر
ظ
900
بطن الحوت
غ
1000

وكان العرب القدماء يعتنون بمعرفة منزلة القمر للطفل الوليد مثلما يعتنون بمعرفة طالع البروج اليومي له. كما كانوا يحسبون اسم الطفل على حساب أبجد، على سبيل المثال فإن اسم منى يتكون من ثلاثة حروف: الميم والنون والألف، وحسابه 40+50+ 1= 91 وباستبعاد تسع فتسع، يتبقى واحد.
ولمعرفة علمائنا بهذا، ولأن القرآن الكريم نزل بلسان العرب، كانوا يحسبون من آياته بالعدد وبحساب أبجد. من ذلك أنه يُحكى أنهم حسبوا فتح صلاح الدين لبيت المقدس من أوائل سورة الروم، وتحديدًا من حساب الحروف الهوائية فيها، فكان 583، وهو عام فتحها!
لكن، ولأن الصعوبة ليست في الحساب ذاته، وإنما في تحديد ما الذي ينبغي أن تحسبه، فالأمر أخفى وأصعب من أن يتيسر لكل أحد.
ولأن اليهود أيضًا يأخذون بحساب إبراهيم عليه السلام (حساب الشمس والقمر) فالعبرية أيضًا أبجديتها تتصل بمنازل القمر، ولكنها اثنان وعشرون حرفًا؛ من ثم فهي تتفق مع العربية حتى المنزلة الثانية والعشرين، وهي منزلة حرف التاء. كما أنهم يحسبون وفقًا لهجاء العبرية القديمة قبل إدخال التعديلات عليها بإدخال الحركات كأحرف عند الكتابة.

صاحب مصر

رغم أن أغلب ما قرأته أو شاهدته على اليوتيوب حتى الآن يدعي أن الحديث عن تلك الشخصية وعلاماتها ووصف الزمان الذي تظهر فيه هو بالأساس من نبوءات الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في كتاب يُسمى بالجفر يُنسب إليه إلا أنه من الواضح أنها نبوءات باستخدام علم الحروف، سواء كان الإمام علي هو صاحبها أو غيره.

على سبيل المثال، ما يُذكر من أن أول حرف من اسمه ناري وآخره مائي –وبعض المواضع حددت اسمه-، وأن رمزه (لقبه) به حرف هوائي.
كما أن ذكر زوال ملك (دوسع) في زمنه يتضح منه أنها حروف حُسب كل منها على حدة، ثم جُمعت بحيث تشكل اسمًا، ولم يُصب من جمعها بحيث تشكل الاسم الصحيح، وإن كان قد أصاب في حساب الأحرف.
لكن أعجب ما صادفني حتى الآن في كتاب طُبع عام 2008 هو عبارة منقولة من الجفر جاء فيها: "جند مصر يكسرون رقبة إسرائيل الكذاب، ويثقبون السد في الأرض المباركة لمّا قادهم أحمد"!
ولعله يقصد قصف سد النهضة! فلو افترضنا أن نبوءة صاحب مصر كلها منتحلة –وإن كانت تتردد من قبل ثورة 2011 على استحياء- فهل كان لسد النهضة أثر على الأرض عندما طُبع هذا الكتاب عام 2008؟!

وفي النبوءة حديث عن أن صاحب مصر من "ج"! وحرف الجيم هو الحرف الثالث في اللغة العربية على حساب أبجد، وهو تابع للمنزلة القمرية الثالثة وطاقة عنقود الثُريا، وهذه المجموعة النجمية لارتفاعها في السماء هي أقرب مجموعات النجوم الثابتة في دائرة الأفق إلى المدار الظاهري للشمس، وكانت الثريا في الطالع ‏مقترنة بالشمس يوم ميلاد ‏سيدنا ورسولنا محمد عليه الصلاة والسلام ، فلعلها إشارة إلى أن صاحب مصر من آل البيت.

والعرب إذا قالت: "النجم" إنما تعني الثريا. والثريا وإن كانت مجموعة نجمية وليست نجمًا واحدًا إلا أن تقارب نجومها وتجمعها على ارتفاع كبير في السماء يجعلها تضيئ كوحدة واحدة. وللعلم فإن رقم سورة النجم في القرآن الكريم هو 53، وتوجد في ‏الحزب 53، وحساب الجُمل لاسم ‏أحمد= 1+ 8+ 40+ 4= 53!‏

ورغم اقتناعي أن القسم في أول سورة النجم ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا ‏هَوَى﴾ بسقوط الثُريا تحديدًا كان إشارة منه ‏تعالى لما حدث في السماء منذ لحظة الغروب في الليلة السابقة على ميلاده عليه الصلاة والسلام، وحتى ‏أشرقت الدنيا بمولده، فإنه ربما كان القسم إخبارًا منه تعالى أيضًا بأن حدثًا سيحدث من علامات القيامة ‏يتعلق بتلك المجموعة ‏النجمية التي تضرب بها العرب المثل في العلو والارتفاع، أو لعل ظالمًا سيهوي، ‏ولذلك صلة بسقوط الثريا. وقد قال تعالى في موضع آخر: ‏﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُوم، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ ‏عَظيم﴾ ‏[الواقعة: ‏‏75-76].‏ وقال المفسرون: "إن القسم بمواقعها أي: مساقطها في مغاربها، وما يحدث الله ‏في تلك الأوقات، من ‏الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده".‏

وهل هي صدفة أن يختفي صاحبنا سنوات ثم يُعلن عن نفسه، فيسارعوا بتقييد حركته، وبعدها بأيام يعلن ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتزيد الضغوط على الفلسطينيين لقبول صفقة القرن، وتتوالى بعدها التنازلات المصرية متسارعة بخصوص سد النهضة؟!
الفجرة يجاهدون لإنجاز مهام إبليس الموكلة إليهم بأسرع ما يمكن، ويظنون أنهم نجحوا، وبين جمادى ورجب رأينا العجب! ولكن الله تعالى إذا قضى أمرًا كان، ولا راد لقضائه، والأيام حُبلى، ولا زالت الأعاجيب لم تنقضي.

أثق أن ما قد عشنا ورأيناه مؤخرًا مما لم نكن نتصور هو من آيات الله، وأنها إمهال للفجرة قبل أن تُدك فوق رءوسهم، وسيرينا الله تعالى من آياته ما تقر به عيوننا. ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) [الروم: 4-5].